داعش خراسان.. التنظيم يتوسع في أفغانستان تحت مرأى الحركة الحاكمة
بتهديد متزايد من تنظيم ما يسمى بـ«داعش خراسان» لأفغانستان وجيرانها، يسعى التنظيم الإرهابي للتوسع في تلك المنطقة، خاصة عقب استيلاء الحركة الأفغانية على مقاليد الحكم في أفغانستان، بجانب إطلاق الحركة سراح عدد من السجناء من بينهم أعضاء في القاعدة الإرهابي، ومختلف الجماعات الإرهابية الدولية الأخرى، حيث يأتي ذلك في وقت لعب فيه التنظيم على وتيرة الصراع العرقي في الداخل الأفغاني، مستغلًا غضب بعض العرقيات من استبعادها من مناصب مهمة في حكومة حركة طالبان؛ ومكثفًا الدعاية النشطة له في تهييج غضب العرقيات الأفغانية، لضم عناصر إليه في صراعه مع حركة «طالبان» على النفوذ، لوضع البلاد في مستنقع الحرب مجددًا.
سعي للتوسع
أظهر تنظيم «داعش» الإرهابي، طموحاته الدولية بالفعل، ففي 18 أبريل 2022، أطلق مقاتلو التنظيم عشرة صواريخ من أفغانستان على قاعدة أوزبكية في ترميز، كجزء من حملة ما تسمى بـ«الانتقام من شيخين»، وهي المرة الأولى التي استهدفوا فيها الدولة الواقعة في آسيا الوسطى، وسرعان ما أعقبوا ذلك بهجوم صاروخي استهدف طاجيكستان في 7 مايو.
ومن الملاحظ أن «داعش» لديه طموحات عابرة للحدود ويضع أعينه على جيران أفغانستان، فمنذ أغسطس 2021، سافر عدد كبير من المقاتلين الأجانب إلى أفغانستان، وألقت طالبان القبض على مواطنين بريطانيين حاولوا عبور الحدود للانضمام إلى التنظيم عبر أوزبكستان، ويقال إن هناك 400 مقاتل أجنبي من «داعش» من دول مصدر مختلفة في أفغانستان حاليا، عنصر الخطر بالنسبة للمنطقة هو وجود المقاتلين الأجانب داخل التنظيم.
وقللت «طالبان» باستمرار من خطر تنظيم «داعش»، حيث نفذت أيضًا حملات قمع وانتقامية ضد المجتمعات المتهمة بدعم التنظيم الإرهابي، أدت التكتيكات العنيفة لمكافحة التمرد إلى نفور السكان المحليين، واتخذت الحكومة إجراءات مختلفة للسيطرة على التنظيم، بما في ذلك الوساطة وتعبئة 1000 من أفراد الأمن التابعين لها، إذ فشلت الحركة في هذا النهج، كما فشلوا أيضًا في المصالحة مع قوات الأمن وأجهزة المخابرات الأفغانية السابقة، الأمر الذي تسبب في توفير عدد من العناصر للانضمام للتنظيم من بينهم ضباط المخابرات السابقين والمحللين لديهم تكتيكات قتالية ومعلومات يمكن أن يستخدموها ضد طالبان.
وشرعت الحركة الأفغانية عقب استيلائها على مقاليد الحكم في أفغانستان، إلى إطلاق سراح عدد من السجناء المحتجزين في قاعدة باجرام الجوية، بينهم أعضاء في القاعدة ومختلف الجماعات الإرهابية الدولية الأخرى.
وتعهدت طالبان في السابق بعدم السماح للإرهابيين الأجانب بدخول البلاد، لكنها لم تف بوعدها، حيث فشلت في احتواء تهديد تنظيم ما يسمى بـ«داعش خراسان» لأفغانستان وانتشاره إلى جيرانها، حيث أوقف التنظيم الإرهابي عملياته لمدة أحد عشر يومًا عندما سقطت كابول في أيدي طالبان، وبعد ذلك عادوا للظهور لتوديع القوات الأمريكية، مما أسفر عن مقتل 13 منهم، إلى جانب 169 أفغانيًّا ومقاتلي طالبان في عملية انتحارية.
داعش طالبان
وبحسب الأمم المتحدة، فإنه منذ عودة طالبان للظهور مجددًا في مقاليد الحكم، كان التنظيم حاضرًا في أفغانستان في كل محافظة، مع تزايد أعداد مقاتليه من 2000 إلى 3500 بعد انهيار الحكومة الأفغانية، حيث اعترف «خليل حمراز» المتحدث باسم مديرية استخبارات حركة «طالبان»، بأن استيلاء الحركة على أفغانستان ساعد عن غير قصد تنظيم «داعش»، وأن العديد من مقاتلي التنظيم هربوا من السجن.
ومنذ انسحاب قوات التحالف الدولي من أفغانستان، ركّز التنظيم بشكل كبير على مهاجمة مجتمع الهزارة، وهي جماعة عرقية تتحدث الفارسية وتعتنق النسخة الشيعية من الإسلام، وفي أكتوبر 2021، نفذ التنظيم هجومين رفيعي المستوى على مساجد الهزارة في قندز وقندهار.
ومن أجل تقويض شرعية طالبان، كانت البنية التحتية الأهداف الأبرز للتنظيم في أفغانستان، إذ يقدر عدد الهجمات التي نفذها التنظيم من أصل 127 هجومًا استهدفت طالبان منذ منتصف سبتمبر 2021، بما يقدر بـ 100، قصف التنظيم سبعة مواقع لطالبان في جلال آباد، وتم تنفيذ إجمالي 136 عملية بين سبتمبر ويناير، منها 96 استهدفت نقاط التفتيش والقوافل الأمنية والعسكريين للحركة.
أصبحت السيطرة على تهديد «داعش» أكثر صعوبة، وفقًا للدكتورة «أميرة جادون» الأستاذة المساعدة في مركز مكافحة الإرهاب بالأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت، إذ تضيف قائلة: «تنظيم داعش – خراسان» أضعف مما كان عليه في عام 2019، لكنه تحول من حركة تمرد إلى جماعة إرهابية نموذجية، وهو اختلاف بسيط لكنه مهم، مؤكدةً أنها الآن جماعة إرهابية أقوى مما كانت عليه في عام 2019، لكنها ربما تشكل تمردًا أضعف مقارنة بسنوات الذروة السابقة، لأنها تفتقر إلى نفس المستوى من السيطرة على الأراضي ولا تسيطر على أي سكان مدنيين.
وكان تقرير صادر عن الأمم المتحدة، في فبراير الماضي، قدر عدد مقاتلي التنظيم الإرهابي هناك بنحو 4 آلاف، وقال إن التنظيم يتمتع بحرية أكبر من أي وقت مضى في التاريخ الحديث.
ويرى مراقبون، أن تنظيم ما يسمى بـ«داعش خرسان»، لا يقتصر هدفه فقط على صراعه مع «طالبان»، بل ويتعداه لتهديد دول آسيا الوسطى التي تنتشر فيها نفس العرقيات بتجنيد عناصر منها كخلايا نائمة، بجانب تجنيد عناصر أوزبك وطاجيك يساعد التنظيم في كسب خلايا نائمة يستهدف بها دول مثل أوزبكستان وطاجيكستان لتوسيع نفوذه، مشيرة إلى أن الأوزبك المنتمين لطالبان، مع تصاعد الصراع، ينضم بعضهم لداعش.
للمزيد: الكعكة الأفغانية على مائدة الإرهابيين.. داعش يستغل الغضب الطائفي من حكومة طالبان





